سياسة | مجتمع

الوسيط يطالب بآلية تشريعية لتفعيل “ثقافة الاعتذار” داخل الإدارة

الوسيط يطالب بآلية تشريعية لتفعيل “ثقافة الاعتذار” داخل الإدارة

تقدم وسيط المملكة محمد بنعليلو، بمقترح يرمي إلى إيجاد مدخل تشريعي من مداخل تجسيد الاهتمام اللازم بـ”رضى المواطن” في علاقته مع المرفق العمومي، باعتبار الرضى “أداة” مهمة، ومؤشرا شاملا لجودة الخدمات الارتفاقية، و”نتيجة” جديرة بالاهتمام في سياق إشاعة مبادئ الحكامة الجيدة في الأداء الارتفاقي.

وأوضحت مؤسسة الوسيط، أن هذا المقترح يأتي استنادا لمقتضيات المادة 42 من القانون رقم 14.16 المتعلق بمؤسسة الوسيط، والتي تنص على أن الوسيط يرفع، في إطار اختصاصاته، وبصفته قوة اقتراحية لتحسين أداء الإدارة والرفع من جودة الخدمات العمومية التي تقدمها، تقارير خاصة إلى رئيس الحكومة تتضمن توصياته ومقترحاته.

ويعتبر مقترح وسيط المملكة، الذي اطلع عليه “مدار21″، أن هذا الأمر “يشكل مدخلا مهما لتطوير أداء الإدارة، وتقوية التزامها بمبادئ الحكامة الجيدة، بغية تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين، وضمان الكرامة الإنسانية، بما في ذلك كرامة المتعامل مع الإدارة العمومية”.

وكان وسيط المملكة، محمد بنعليلو، اشتكى من عدم تجاوب الإدارة العمومية، وكشف أن مجموعة من الإدارات التي تمت مراسلتها خلال سنة 2020، “لم تستوعب بعد مفهوم حق المرتفق في الحصول على المعلومة الإدارية والحق في الجواب، واعتبار ذلك حقا طبيعيا من حقوق المرتفق”.

وقال بنعليلو، بمناسبة تقديم التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط برسم 2020، أن “هذا المفهوم، لم يتبلور بعد حتى في علاقة الإدارة مع مؤسسة دستورية وبالأحرى في علاقتها مع المواطن”، مسجلا  أنه من مجموع 3218 مراسلة، وجهتها المؤسسة إلى الإدارات المعنية، لم تتلق في شأن 658 منها أي جواب، رغم انصرام أجل 60 يوما المنصوص عليها في القانون.

ويرى الوسيط من خلال مقترحه، أن مفهوم الكرامة الإنسانية داخل الإدارة، يحيل بشكل مباشر على شعور المرتفق بالتقدير والاحترام، وتملك الإدارة للقدرة على مراعاة ذلك فيما تتخذه من قرارات وما تقدمه من خدمات، وهي أمور، تجعل “دون شك”، وفق المصدر ذاته، العلاقات الارتفاقية متسمة بالتوازن، والقدرة على تدبير الأمور بشكل عقلاني رصين، وعلى تجاوز الصعاب والخلافات بأقل تكلفة ممكنة، وعلى نسيان المشاعر السلبية التي يمكن أن يثيرها تعرض المواطن في وقت من الأوقات لموقف مزعج أو لضرر يوجب التعويض.

وأكد المقترح أن التعويض المادي الذي قد يستحق للمتظلم بعد مسطرة قضائية نزاعية، يبقى في كثير من الأحيان، غير كافٍ لجبر الأضرار التي يمكن أن تخلقها بعض الوضعيات، وما يرافقها من احتياجات نفسية تؤثر سلبا على نظرة المرتفق المتضرر إلى الإدارة، وتذكي الإحساس ب”الانتصار” عوض “المصالحة”، وسيادة الانطباع بـ”الظلم الإداري”، وهو الانطباع الذي لن يلين منه سوى الإقرار بالخطأ من طرف مرتكبيه والاعتذار عن حصوله.

وسجل وسيط المملكة، من خلال هذا المقترح على وعي المؤسسة التام بأن التفكير في إشاعة “ثقافة الاعتذار” لدى الإدارة العمومية، هو تفكير يتسم بنوع من الجرأة والاستباقية في بيئة ثقافية ما زالت تتمسك في كثير من الأحيان بفكرة السيادة المطلقة للإدارة، وتخشى الإفصاح عن الهفوات والأخطاء المرتكبة.

وشدد بنعليلو ضمن مقترحه، على  أنه “قد حان الأوان، لإدخال وترسيخ ممارسات حضارية جديدة، من شأنها أن تساهم في ظهور متميز ومغاير للمرفق العمومي، تتعزز وتبرز فيه صفات المسؤولية والنزاهة والوضوح والشفافية والاحترام واللياقة. من خلال إشاعة ثقافة الاعتذار، بانعكاساتها الإيجابية ليس فقط على المتضرر، بل وأيضا على الممارسات المهنية الإدارية عموما، لما لها من دور في تحسين وتجويد الخدمات المقدمة، وفي ضمان استدامتها، وصيانة العلاقات الإدارية الناجحة الداعمة لثقة المرتفق في الأداء الإداري”.

واعتبر مقترح مؤسسة الوسيط، أن “خطوة كهذه، لا يمكن أن تبقى منفردة، بل ينبغي أن تندرج ضمن مقاربة شاملة وعمل دؤوب”، لتفادي تكرار نفس الأخطاء أو السلوكيات الموجبة للاعتذار، وأن يواكب ذلك، “تشريع حمائي” يعرّف بموجبه “الاعتذار” وسبل تفعيله.

ولطمأنة مقدمي “الاعتذار الإداري”، وكفالة الحماية الضرورية لهم، أكد المقترح أن الاعتذار المتحدث عنه، “يتوجب أن يكون اعتذارا مؤطرا تشريعيا، بحيث لا يمكن أن يشكل بأي حال من الأحوال اعترافا صريحا أو ضمنيا بحصول الخطأ الموجب للتعويض، أو حجة يعتد بها أمام القضاء”، مشددا على أنه ” لا ينبغي أن يمس بمبادئ إثبات الوقائع التي تدخل في خانة الأخطاء الموجبة للتعويض، ولا أن يقوم مقام هذا الأخير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News