الطالبي: الإرهاب والانفصال يقوّضان الاستقرار ويُعمِّمان حالة اللادولة

قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، اليوم الخميس، إنه مع كامل الأسف، فإن تحدي النزاعات والانفصال “يتواطئَان في أحيان أخرى مع ظاهرة الإرهاب المَقيت والتطرف العنيف، مما يُقَوِّضُ الاستقرارَ في عدد من المناطق”، مضيفا أنه “لا يكتفي الإرهاب والانفصال بإيذاء الناس وترويعهم وتهجيرهم، بل يسعيان إلى تَقْوِيضِ الاستقرار ونشر الفوضى، وتعميم حالة اللادولة والتمدد خارج سياقهما الجغرافي، ووضع اليد على المقدرات الطبيعية للأمم”.
وأوضح الطالبي، في كلمته خلال المنتدى الثاني لرؤساء لجان الخارجية بالبرلمانات الإفريقية، أنه “على اختلاف وتنوع المنتديات البرلمانية الإِفريقية، يؤسفنا أن تكون التحديات التي تواجه قارتنا، وأزماتها، هي نفسها المطروحة منذ سنوات، على الرغم مما تُحققه على أكثر من صعيد، خاصة في المجال المؤسساتي والاقتصادي، وهو ما يبعث على الأمل في أن النهضة الإفريقية قابلةٌ للتَّحَقُّقِ إذا نحن عرفنَا كيف نَتَوَّحَدُ ونتجاوزُ عوامل الكَبْحِ”.
وذكر الطالبي بالتحديات التي تواجهها إفريقيا، مفيدا أن في مقدمتها “عودة تناسل النزاعات، الداخلية أساسًا، في بعض بلدان القارة؛ إذ بعد نجاح قارتنا في تجاوز الكُلْفة السياسية والاستراتيجية للحرب الباردة، التي لم تكن حربها، وإنجازِ العديد من الانتقالات السياسية مقرونةً ببناء مؤسساتيٍ واعدٍ، عادتِ النزاعاتُ في بعض الحالات، لتجثُم على الأوضاع في بعض البلدان”، مشددا على أن هذا التحدي يتغذى ويُغذي أحيانا، نَزعَاتِ الانفصال ومحاولات تقويض الوحدة الترابية للدول وسيادتها.
وتابع رئيس مجلس النواب أن القارة “تصطدم أيضا في طموحها إلى الصعود الاقتصادي، بتحدي انعكاسات الاختلالات التي تكلفُ إفريقيا كثيرا جراء الجفاف، والتصحر، وانجراف التربة أحيانا، والفيضانات في أحيان أخرى، في الوقت الذي، لم، ولا تستفيد من ثمار التصنيع، والتراكم التاريخي الناجم عنه”.
وبالمقابل، شدد الطالبي على أنه “لا ينبغي للتحديات، مهما كانت أن تترك الإحباط يتسرب إلى الهِمَمِ الإفريقية”، مشددا على أن إفريقيا كانت “دائما أرض التحديات، وكان الإنسان الإفريقي الصبور، والمُعَانِد، ينتهي بربح الرهانات. فقد انتصر على الاستعمار، واستعادت البلدان الإفريقية استقلالاتها الوطنية، وتَيَسَّر لها بناءُ الدولةِ الوطنية بقيادة زعماءَ وطنيينَ كبار”.
وأفاد أنه استثمارًا للإمكانيات التي تتوفر عليها إفريقيا “واستشعارًا لحجم التحديات وللمسؤولية التاريخية، تشهد قارتنا العديد من الديناميات، الاقتصادية والسياسية، ومنها الدور المتزايد للاتحاد الافريقي، كإطار للعمل الافريقي المشترك، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتكتلات الاقتصادية الجهوية الإفريقية التي تعتبر إطارًا للتعاون والمبادلات الاقتصادية، مع استثناء واحد في شمال القارة مع كامل الأسف”.
ولفت في السياق ذاته إلى مبادرات أخرى واعدة واستراتيجية مطروحة على الأرض، ومنها مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب مبادرة تمكين بلدان الساحل الإفريقية من الولوج إلى المحيط الأطلسي اللذين أطلقهما الملك محمد السادس، وهما يتكاملان مع مشروع أنبوب الغاز-نيجيريا-المغرب أوروبا، مرورا بـ 13 بلدًا إفريقيا.
وشدد الطالبي على أن إفريقيا تحتاج إلى المرور إلى العمل والسرعة القصوى في الإنجاز، مستحضرا دور مثل هذه اللقاءات في “إنضاج الأفكار والاقتراحات مما يستدعي جعلها تقاليد مؤسساتية خاصة عندما يتعلق الأمر بالبرلمانات التي لا تخفى مكانتها المؤسساتية والسياسية وأدوارها في تقريب الآراء بين بلداننا”، مبرزا أن مواجهة التحديات وربح الرهانات تحتاج إلى تفعيل الإرادة السياسية المشتركة، وتحويل الطموح إلى سياسات ومشاريع ومنجزات.
وأردف المتحدث أن “حالة اللايقين في النظام الدولي، وازدهار الأنانيات الوطنية والمحاور عبر العالم، وطموحات شعوبنا وحقنا المشروع، كأفارقة في التقدم والرخاء والازدهار، تفرض علينا بأن نأخذ مصيرنا بأيدينا، فالتطرف والإرهاب، يزدهر في سياقات الفقر، والانفصال يهدد بتفكك الدول وبالتمدد، والتماهي معه، خطر على الجميع، وقوة الدولة الوطنية الإفريقية ضرورة تاريخية، والشراكات مع باقي القوى العالمية تحتاج إلى وحدة الموقف، وإلى اقتصادات قوية وإلى ترسيخ وتقوية الشراكات جنوب – جنوب وفق منطق الربح المشترك”.
وأورد أنه “بقدر تخلصنا من الاستعمار، بقدر ما ينبغي أن نتخلص، من تبعاته، ومنها بالأساس، بعض المفاهيم غير الملائمة مع متطلبات وسياقات العصر، وبقدر ما ينبغي أن نتشبث بضرورة احترام ثقافاتنا الإفريقية، وحضارتنا وتقاليدنا المؤسساتية وقرارات دولنا السيادية والرفض القاطع للتدخل في الشؤون الداخلية للدول مهما تكن المبررات، بقدر ما ينبغي التخلص من التفكير في المستقبل على أساس الماضي الميت، عوض التاريخ الحي المعبئ والمتوجه إلى المستقبل”.