نمو ساكنة المدن يطرح تحدي “التمويل الحضري” بالمغرب وإفريقيا

كشف آخر إحصاء للساكنة عن نمو مضطرد لساكنة المدن على حساب البوادي بالمغرب، كما تستعد المملكة لاستضافة تظاهرات كبرى في مقدمتها مونديال 2030، ما يطرح تحديات كبيرة أمام المملكة في “تمويل” هذا النمو، والارتقاء بجودة المدن لتكون بمستوى تطلعات ساكنتها، والتدفق الكبير للسياح الأجانب، الذي ستشهده في قادم الأيام.
وفي هذا السياق، تلعب “الهيئة المغربية لسوق الرساميل”، دوراً حاسماً في تنظيم العملية وتعبيد الأرضية للاستثمارات الوطنية والأجنبية الضرورية لمواكبة هذه التحولات العميقة وتداعياتها، ذلك على الأقل ما أجمع عليه مشاركون في مائدة مستديرة على هامش “منتدى الاستثمار الإفريقي” المنعقد بالعاصمة الرباط بين الـ4 و6 من الشهر الجاري.
وبهذا الخصوص، أكدت رئيسة الهيئة، نزهة حيات، أن دورها الأساسي هو حماية المستثمرين وضمان سلامة السوق، مشيرة إلى أن مواكبة النمو الحضري غير ممكنة بدون تكييف سوق الرساميل الوطني لتكون قادرة على تمويل الاستثمارات.
وأضافت، خلال كلمة لها حول موضوع “تعبئة التمويلات اللازمة لتطوير المجالات الحضرية والتخطيط الحضري”، اليوم الخميس بالرباط، أن المغرب ما زال بحاجة لتطوير سوق الرساميل الخاصة به، كي تتحمل الاستثمارات الضخمة التي سيكون عليه تعبئتها مستقبلا، سواء لفائدة المدن أو البنيات التحتية أو الصناعة.
وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، أكدت حيات أن الهيئة التي تشرف عليها استبقت ذلك من خلال فتح نقاشات مع مختلف الجهات الفاعلة المعنية، وتحديد أولويات البلاد بمعيتهم، مع إعطاء الأولوية للإطار التشريعي والتنظيمي للسوق المالية، من خلال إرساء أدوات مالية قادرة على تلبية هذه الحاجيات.
كما ضربت المثال بالتحول الذي عرفته العاصمة المغربية الرباط، إذ “لا ينبغي الاكتفاء بجذب المؤسسات المحلية بل كذلك الرساميل الأجنبية”، مؤكدة في الوقت ذاته أن التدابير التنظيمية المتخذة من قبل الهيئة فتحت شهية المستثمرين للمساهمة في المشاريع.
“في الوقت الراهن يأتي معظم التمويل الخاص بالمشاريع من البنوك، ولكن لدينا الآن آجال استحقاق تجذب المستثمرين المحليين والأجانب بشكل متزايد”.
وضربت المتحدثة المثال بالدور الذي لعبته الهيئة خلال مؤتمر الأطراف “كوب 22″، الذي التزمت خلاله المملكة بالتنمية المستدامة، بحيث “كنا من أوائل الهيئات المنظمة لسوق الرساميل التي قننت السندات الخضراء”.
من جهتها، قالت أبيمبولا أكيناجو، المسؤولة بوزارة النقل النيجيرية، إن المدن الإفريقية الكبرى تواجه تقريبا نفس الواقع، مؤكدة أن التحدي الأساسي يكمن في ضمان النمو الاقتصادي للمدن بهدف إخراج الساكنة من حالة الفقر.
وقالت إن التمويل ليس إشكالية للمدن فحسب، بل لساكنة المدن أيضا، بحيث ما عاد الكثير من السكان الحضريين يستطيعون تحمل تكاليف العيش واقتناء التجهيزات اللازمة لحياتهم الحضرية، وفي مقدمتها السكن ووسائل النقل، دون اللجوء للقروض.
ولفتت إلى الدور الذي يضطلع به التمويل في بناء اقتصاد المدن، بحيث أن إنشاء البنيات التحتية والمشاريع يساهم في خلق فرص الشغل وانتشال الساكنة الحضرية من الحاجة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى “الشمول المالي والاقتصادي”.
وتقام بالعاصمة المغربية الرباط، ما بين يومي 4 و6 دجنبر الجاري، فعاليات المنتدى الإفريقي للاستثمار، الذي يعد موعداً إفريقيا هاما للنقاش وجذب وتعبئة الاستثمارات لفائدة التنمية في القارة الإفريقية، بتنظيم من البنك الإفريقي للتنمية وشركائه.
وجدير بالذكر أنه ومنذ تأسيسه في عام 2018، اجتذب المنتدى أكثر من 180 مليار دولار من الاهتمامات بالاستثمار، مما أعطى دفعة للتحول الاقتصادي الدي تعرفه “القارة الأكثر شبابا في العالم”، من خلال توجيه الموارد إلى قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والرعاية الصحية والزراعة.