بسبب الابتزاز والتشهير.. حسابات على “إنستغرام” تهدد حياة مشاهير وتنهي مسيرتهم

خروج رجوى الساهلي عن صمتها بشأن ابتزازها بـ”فيديو مخل” وتهديد المقربين منها بعدم التعامل معها، بإشراف من صفحة تشهير، يعيد فتح باب النقاش حول الرقابة على هذه الصفحات وحماية ضحاياها من التشهير.
رجوى الساهلي، التي وجدت نفسها في أزمة بسبب تسريب صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “إنستغرام”، فيديو لها في وضعية “مخلة بالآداب” بغرض تشويه سمعتها، وتصفية حسابات معها، خرجت أمس الأربعاء بعد غيابها لمدة، لتوضح آثار هذا التشهير على حياتها الخاصة، وتعرض مشروعها للإقبار بسبب تخلي جهات عن التعامل معها.
أفصحت رجوى في مقطع الفيديو ذاته، أنها أصبحت تعيش في دوامة اكتئاب وتدهورت صحتها بسبب ما تتعرض له من حملة تشهير وتهديد للمقربين منها بعدم التعامل معها، ما جعل محيطها يتخلى عنها.
لم تكن رجوى وحدها ضحية لهذه الحسابات، بل سبقها العديد من المشاهير الذين انتهت مسيرتهم المهنية بسبب التشهير بهم عبرها، ضمنهم الإعلامية مريم سعيد الذي قاد حساب “حمزة مون بيبي” حملة تشهير ضدها أدت إلى عدم إتمام زفافها، وابتعاهدها من شاشة “Mbc”، والدكتور صمد الذي اختار ترك المغرب في ظل ما تعرض له من تشهير عبر الوسيلة ذاتها.
وضمن المشاهير أيضا الذين تضررت سمعتهم ودخلوا في دوامة اكتئاب، بسبب حملة تشهير واسعة، الفنانة وئام الدحماني التي تباينت الأخبار بشأن سبب وفاتها بين إصابتها بسكتة قلبية، وإقدامها على الانتحار.
وسبق للحساب الذي شهر برجوى الساهلي الذي يحمل اسم “ناهد” أن شهر بالمؤثرة وملكة جمال السابقة، نهيلة باربي، بنشر صور مخلة لها، والكشف عن ملامح زوجها الذي اختارت عدم إظهاره معها في العلن، غير أنها اختارت عدم الاكتراث لهذه الحملة التي شنت ضدها من قبل هذا الحساب.
ولم تنه هذه الحسابات فقط مسيرة بعض من هؤلاء المشاهير، بل قادت غيرهم إلى الحبس بسبب تهم مختلفة، ضمنهم ابتسام بطمة وشقيقتها، والمؤثرة سكينة كلامور، وغيرهن.
وما تزال هذه الحسابات التي يجهل من يسيرها، تجدد دعوات تشديد الرقابة على أصحاب الصفحات الوهمية، والرفع من العقوبات الموقعة ضدهم، للحد من ابتزاز والتشهير بالشخصيات العمومية،
عبد العزيز الرماني، عن المرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز، قال إن التشهير يتعلق بكل أسباب المس بخصوصية وأعراض وسمعة الأفراد، وهو مصطلح للتعبير عن كل أنواع وأشكال المس بأعراض الناس وكرامتهم وخصوصيتهم لأهداف قد تكون انتقامية وقد تكون ابتزازية بهدف الحصول على مقابل أو تعويض.
وأضاف المتحدث ذاته في تصريح سابق لجريدة مدار21 أن “وسائل التشهير تطورت، بعدما كانت في الماضي تتحقق عبر الوسائل الإعلامية المعروفة، إلى أن اعتبرت كل الوسائل مثل التقاط الصور الخاصة وتوزيعها وسائل حديثة”.
وتابع في السياق ذاته: “وفي القانون اعتبرت تشهيرا أي طريقة من طرق النشر ولو على حيط أو شجرة، وأي شكل انحرافي ومخالف للقانون ومخالف للسلم الاجتماعي والتنمية الاجتماعية، يعاقب عليه”.
ويرى الرماني أن المجتمع المدني المغربي تأخر في الانخراط لمكافحة الابتزاز والتشهير، لذلك فكر بمعية العديد من الفاعلين في مجالات مختلفة لإنشاء هذا المرصد، بغاية التوعية والدفاع عن حقوق الضحايا.
وعن انتشار حسابات التشهير بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فسر الرماني ذلك بتجاوز الوسائل التقليدية رقميا وإلكترونيا عبر التقدم التكنولوجي، مشيرا إلى أنه مع بروز الذكاء الاصطناعي، ستأخذ هذه الأفعال والسلوكات أبعادا أخرى، أكثر تطورا.
وبخصوص استهداف مجموعة من الفنانين والمؤثرين والسياسيين، يبرز أن هؤلاء الأشخاص شخصيات عمومية يتابعها العديد من الجماهير، لذلك هم الأكثر عرضة للتشهير بهدف الحصول على مقابل، والذي قد لا يكون من قبل الشخص المشهر به، لكن عبر الوسائل المستخدمة، من الأدسنس والترند اللذين يحققان مقابلا لأصحابهما بطرق غير مباشرة.
وأشار إلى أن هناك وسائل رصد جد متطورة لتحديد هوية مسيري الحسابات الوهمية، مردفا: “كلما تطورت الأخطاء والأفعال اللاقانونية كلما تطورت الوسائل العلمية بيد الأجهزة الأمنية، والمغرب من الدول الجد متطورة على مستوى الرصد العلمي”.
ويرى أن تفاقم ظاهرة التشهير ليس بسبب العقوبات التي يجدها البعض غير مشددة، بينما يكمن الأمر في واجب تطبيق هذه العقوبات بالأساس، إذ يشير إلى أن الخلل ليس في المسطرة القانونية، إنما في الأشخاص الذين يتعرضون للتشهير ويتحاشون اللجوء إلى القضاء، عادا أن العقوبات تصل إلى خمس سنوات وغالبا تطبق في حدود سنة أو سنتين حسب حجم التشهير والابتزاز.
وأردف المتحدث ذاته قائلا: “المجتمع كله ينهار حينما تنهار قيمه، والتشهير والابتزاز يدخلان ضمن الأفعال الإجرامية، التي تمس بالمرجعيات الأخلاقية والقيم التي يبنى عليها المجتمع”.
واقترح الرماني نشر الوعي بخطورة التشهير والابنزاز، عادّا أن هناك أشخاص لا يعون بما يقومون به من أفعال إجرامية يعاقب عليها القانون، لذلك يتجه المرصد للقيام بدورات تكوينية وندوات تحسيسية والدفاع عن الضحايا للحد من هذه الظاهرة، ويقترح أيضا عدم صمت الأشخاص الذين يتعرضون للتشهير.