مجتمع

بنزاكور: الانقطاع في وسائل التواصل الاجتماعي عرى 3.4 ملايير مستخدم

بنزاكور: الانقطاع في وسائل التواصل الاجتماعي عرى 3.4 ملايير مستخدم

سبب الانقطاع المفاجئ يوم الإثنين الماضي في وسائل التواصل الاجتماعي الثلاث “فيسبوك، إنستغرام، واتساب” حالة من الغضب، والتذمر، إذ باتت قضية التواصل الاجتماعي من أخطر القضايا التي تستأثر بالنصيب الأكبر من التفاعل والتواصل لا لشيء سوى الإمعان في النظر إلى الشاشة الزرقاء بسبب أو بدون سبب.

هذا الانقطاع الذي تشكل في صورة إدمان حقيقي بغية قتل الوقت ومتابعة الأحداث كبيرها وصغيرها، وحين يواجه المستخدمون صعوبة في الولوج يصبحون سكارى وماهم بسكارى، إنه زمن وسائل التواصل الاجتماعي التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.

أستاذ التعليم العالي في علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، أوضح لـ”مدار21″ أن “الانقطاع التقني في وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة أكد خطر الوقوع في الإدمان، بل تطورت لتبلغ بعض معالم الإدمان عند الجيل الذي تفتقت عينيه على التكنولوجيا، عكس الجيل القديم المخضرم الذي باستطاعته أن يميز بين الافتراضي والواقعي ويعتبره وسيلة من وسائل التسلية أو التواصل لا غير.”

بينما الجيل الجديد، أردف المتحدث ذاته، يعتبر هذه الوسائل “جزءا لا تتجزأ من حياته الاجتماعية، بل أكثر من هذا تغيرت علاقاته الاجتماعية من العالم الحقيقي إلى العالم الافتراضي”، موضحا “الدليل في ذلك التأثر النفسي الذي يعانيه هذا الجيل من خلال بعض التعليقات التي تصل إلى درجة الكآبة، والمس بحرمة الجسد، والانتحار في نهاية المطاف.”

وواصل حديثه “هذا الانقطاع والتعليقات التي صاحبته اليوم تؤكد بالدليل القاطع الذي لا يترك مجالا للشك وجود تبعية تصل عند بعض الأفراد حسب بنيتهم الشخصية إلى درجة الإدمان، والأنكى من ذلك أن هؤلاء التكنولوجيين الذين يقفون وراء عملية بناء الأسس التكنولوجيا والنفسية لوسائل التواصل الاجتماعي كانوا على وعي بهذا الخطر، إذ هناك أنواع من المستوى التواصلي التجاري تكون مبنية على الإغراء، وعلى استجابة المتلقي أو المستهلك دون تفكير، وهذا ما سعت إليه هذه الوسائل، لأن تقنيا كانت الوسائل بداية الألفين أكثر بطء، من خلال خدمات بطيئة في الانترنت والتكنولوجيا إلى أن تم تطويرها وأصبح الهاتف الذكي بين يدي الشخص يجوب العالم في لحظات.”

ونبه بنزاكور إلى أن هذه السرعة في الاستجابة في وسائل التواصل الاجتماعي هي أيضا من العوامل المساهمة في زرع الإدمان لدى الإنسان، وتجعله أقل صبرا إلى درجة عند تجاهل رسالته، دون أن يتم الرد عليها في اللحظة ذاتها يعتبرها إهانة”، مشيرا إلى أن “السبع ساعات من الانقطاع عرّت المجتمع الإنساني بشكل عام والذي يبلغ 3.4 مليار مشترك، إذ بعد ذلك مباشرة لجؤوا إلى البحث عن وسائل جديدة ولم يقووا على الصبر، وهو ما زكته تصريحات رسمية تشير بنسب تصاعدية نحو الإدمان لدى الإنسان، فالتبعية موجودة، وعدم التخلص بشكل سلس من وسائل التواصل الاجتماعي ثابت، علاوة على القلق، تبقى فقط الإحصائيات الرسمية للوقوف على ما أفضته دراسات علماء النفس والأطباء النفسيين من الحالات المرضية التي كان سببها وسائل التواصل الاجتماعي.”

وتابع بنزاكور “لا نحتاج لدليل عن علاقة السبب من الجانب العلمي للأثر البالع لهذه الوسائل لأن منظمة الصحة العالمية تعتبر الإدمان على الانترنت شبيه بالإدمان على المخدرات.”

ولقيت وسائل التواصل الاجتماعي هذا النجاح، بحسب المتحدث ذاته، لأنها تلعب على الصوت والصورة والسرعة والإغراء واستثارة الجانب الأناني في الإنسان وهو حب الظهور الذي بات يتخذ مستوى عالميا (نسبة المتابعين، والتعليقات، وزيادة الإعجابات).

واستطرد بنزاكور قائلا “وأتاحت هذه الوسائل حب التباهي على مستوى ما يُملك، كما تزكي هذا البعد الأناني للإنسان، وإذا ما حُرم منه يشعر بالضعف والقلق ويتطور إلى درجة الكآبة وهو ما يظهره الأطفال عند حرمانهم من وسائل التواصل الاجتماعي من ردات فعل عنيفة؛ عنف نفسي، وجسدي” يرجع إلى هذا الانقطاع.

لكن لا يمكن إنكار الجوانب الإيجابية لهذه الوسائل بالوصول إلى المعلومة وتقريب المسافات بين الناس، والاضطلاع علي ثقافات أخرى، وفتح فرص للجدال والمناقشة ومقارعة الأفكار والقناعات وهي كلها أشياء جميلة بحسب متحدثنا.

واعتبر الأكاديمي ذاته أن الإشكال يكمن حينما “أصبح جيل ما بعد الألفين ينقطع على العالم الواقعي وبالتالي تراجعت كفاءاته في تدبير الواقع الاجتماعي بشكل كبير بقوله “لدرجة بتنا نرى معاناة نفسية انطلاقا من أشياء تافهة، والتنمر أصبح له مكانة كبيرة في بناء شخصية الطفل اليوم مع أننا كنا نعيش تنمرا في السابق لكن لم تكن آثاره بالغة الأثر كما عند الجيل الحديث، لأنه لم يتعلم مهارات تدبير العلاقات في الواقع الاجتماعي وتعلم مهارات أخرى على المستوى الافتراضي.”

أيضا، لوحظ تراجعات، وفق المتحدث ذاته، على مستوى العلاقات الأسرية على حساب العالم الافتراضي، لذلك هو سلاح ذو حدين له ما له وعليه ما عليه.

وأشار بنزاكور إلى جملة حلول للحد من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي تخص المجتمع المغربي أساسا في ختام حديثه مع “مدار21” بقوله: “لا بد أن تكون هناك مساعدة للأسر من خلال دليل تقوم به الدولة في شخص وزارة الأسرة حتى يكون هناك إمكانية متابعة ومصاحبة الأطفال في التربية على وسائل التواصل الاجتماعي، علاوة على الرغبة في أن تستوعب وزارة التربية الوطنية عبر مقرراتها جزءا من شخصية أطفالنا وأجيالها”، داعيا إلى “وضع مادة في التربية الوطنية لإدماج الطفل مع هذه الوسيلة تماما كما نعلمهم احترام قانون السير حفاظا على سلامة المواطن وقدرته على أن ينفك من مخالب التعبية والإدمان.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News