سياسة

العلام: التنسيق بين النقابات إيجابي والرهان على توحيد العمل النقابي

العلام: التنسيق بين النقابات إيجابي والرهان على توحيد العمل النقابي

في خضم الاحتجاجات التي لم تتوقف في الشارع المغربي طيلة السنة الجارية والمستمرة حتى اليوم، برزت أساليب، قديمة جديدة، في تدبير وتنظيم نضالات المحتجين سواء في قطاع التعليم أو الصحة أو الجماعات الترابية وغيرها من القطاعات الاخرى وذلك بإحداث تنسيقات تجمع النقابات العمالية المنخرطة في هذه الحراكات، ما اعتبره أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، عبد الرحيم العلام، “خطوة إيجابية لا يجب الوقوف عندها وإنما ينبغي تقوية هذا التنسيق في أفق توحيد العمل النقابي”.

هذا التكتل أو التحالف النقابي لم يقتصر على التنسيق بين نقابات القطاع الواحد وإنما أصبح يجمع نقابات من قطاعات مختلفة، آخرها إعلان نقابات متفرقة عن ميلاد تكتل نقابي جديد تحت اسم “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد” استعدادا لمواجهة التعديلات المرتقبة على مستوى التشريعات المنظمة لصناديق التقاعد وقرب إصدار قانون “تكبيلي” للإضراب.

وفي تصريحه لجريدة “مدار21″، قال العلام إن “التنسيقات النقابية ليست أمرا جديدا على العمل النقابي المغربي وإنما شكل وتنظيم احتجاجي موجود قبل سنوات”، مشيرا إلى أن “التنسيقات النقابية ظلت موجودة لكن بتكتلات مختلفة إما بين نقابتين أو ثلاث نقابات أو تكتل نقابات قطاع معين باستثناء نقابة واحدة”.

ولم يبد العلام اقتناعه بمن يقرأ إعادة العمل بهذه التنسيقات النقابية على أنه “إحياء وانبعاث جديد للعمل النقابي”، مشددا على أن “العمل النقابي لم يمت ولم يفقد الثقة وإنما البارة الصحيحة هي أن الثقة في النقابات ضعفت ولم تعد كما كانت عليه قبل عقود”.

وفضل المتحدث ذاته وصف الوضع النقابي في المغرب على أن “في تراجع”، منتقدا توظيف وصف “موت أو فقدان الثقة في النقابات”، ومستدلا في هذا الجانب بـ”استمرار لجوء الموظفين حينما يواجهون أي مشكل أو حينما يريدون رفع مطالب خاصة بهم إلى المركزيات النقابية، وهذا أبرز دليل على استمرار تأثير النقابات والتنسيقات النقابية”.

وعن التنسيقيات القطاعية التي برزت خلال السنوات الأخيرة في مقدمة الاحتجاجات الفئوية، اعتبر الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن “التنسيقيات هي مجرد حل مؤقت وليست حلا دائما”، مشددا على أنها “لا تملك النفس الطويل والخبرة النضالية والتفاوضية الكافية”، ومبرزا أن “الدليل على ما أقول هو ميلاد تنسيقيات واختفاؤها بعد مدة قصيرة”.

وفي ذات الصدد، تابع المتحدث ذاته أن “محاولات النقابات التنسيق بينها هو استشعار بتهديد بروز التنسيقيات لوجود العمل النقابي”، مسترسلا أن النقابات “فهمت الرسالة بأن التشرذم الذي يعرفه العمل النقابي خلال الفترة الأخيرة وأن كل نقابة تغرد على لحنها الخاص لن يؤدي إلا إلى فقدان الزخم والشعبية التي كانت تكتسبها خلال العقود الماضية”.

وأفاد الأستاذ الباحث في القانون الدستوري أن “هذه التحالفات والتكتلات هي أمر مفروض على النقابات نتيجة الضعف وظهور فاعلين جدد في ساحة العمل النقابي”، مشددا على أن “الأصل هو التوحيد وليس التشردم”.

وانتقد العلام “كثرة النقابات في المغرب”، مستحضرا في هذا السياق “التجربة التونسية التي تتوفر على اتحاد عمالي واحد”، ومبرزا أن “الاختلافات والنقاشات على مستوى التصورات والايدولوجيات لا يجب أن يؤدي إلى التشردم والتفكك”.

وتابع الأكاديمي أنه “من المفروض أن تكون لكل قطاع نقابة قوية واحدة”، مسترسلا أن “المشكل هو استحالة توحد النقابات في المغرب لكون جزء كبير منها تابع للأحزاب السياسية”، ولافتا إلى أنه “من الطبيعي أن تنسحب الاختلافات والصدامات الحزبية على واقع العمل النقابي”.

وعلى مستوى النقابات المستقلة التي ظهرت خلال الفترة الأخيرة، أكد الأكاديمي ذاته  أن “تأثيرها سيكون ضعيفا ومحدوداً”، مُلحاًّ على أن “الحل في الوحدة النقابية وليس في التشرذم النقابي الذي يقلص تأثيرها ويضرب مصداقيتها”.

وعاد العلام ليؤكد أنه “حتى التنسيقيات غير موحدة وهذا ما برز جليا في الحراك التعليمي الأخير”، مشددا على أن “التنسيقيات ليست على أفضل حال من النقابات وإنما ما يسري على النقابات من أمراض يوجد كذلك في التنسيقيات”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن “دليل أزمة العمل النقابي هو ظهور التنسيقيات”، مشيرا إلى أن “التنسيق النقابي هو خطوة إيجابية لكن لا يجب الوقوف عندها وإنما ينبغي تقوية هذا التنسيق في أفق توحيد النقابات على الأقل المتقاربة فيما بينها على مستوى التصورات والإيديولجيات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News