ثقافة

فعاليات ثقافية تربط ارتفاع زوار معرض الكتاب ب”الاستئناس” بمكانه الجديد

فعاليات ثقافية تربط ارتفاع زوار معرض الكتاب ب”الاستئناس” بمكانه الجديد

لم تتأخر القراءات وردود الفعل حول حجم الزيارات الخاصة بالدورة 29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب بمجرد كشف وزارة الثقافة والشباب والتواصل عن الأرقام والإحصائيات المرتبطة بالدورة الأخيرة، والتي سجلت ارتفاع عدد الزوار بتجاوز سقف 316 ألف زائر وبارتفاع نسبته 32 في المئة مقارنة بالدورة الماضية، والذي اعتبرته فعاليات ثقافية “استئناس بمكان التنظيم الجديد”.

واحتفت وزارة الثقافة بهذا المستوى من الزيارات، حيث اعتبر بلاغ اختتام فعاليات المعرض، أنه “بهذه المعطيات الإحصائية الكبرى، عَبَرَت الدورة 29 محطة جديدة في مسار هذا الحدث الثقافي الكبير الذي يُبرهن في كل دورة على قيمة وجدوى الجهد المبذول من أجل جعل الكتاب قريبا من المواطنين، مثلما يبرهن على الوفاء الذي يعبر عنه جمهور المعرض، وهو الأمر الذي أثبتته الأعداد الغفيرة التي حجت إلى فضاء المعرض، والتي تجاوزت 316 ألف زائر بارتفاع نسبته 32%”.

وربطت فعاليات ثقافية ممن تحدثت ل”مدار 21″ هذه الزيادات السنوية في عدد الزوار باستئناس جمهور المعرض الدولي للنشر والكتاب بموقع تنظيمه الجديد في الرباط، العاصمة الثقافية للمملكة، عوض تنظيمه في العاصمة الاقتصادية، الدار البيضاء.

“لم نصل بعد إلى نصف مليون”

واستطلعت “مدار 21” رأي مهتمين بالشأن الثقافي حول هذا الموضوع، ومن بينهم رئيسة شبكة القراءة بالمغرب، رشيدة رقي، التي قالت إن الارتفاع في عدد زوار معرض الكتاب خلال هذه الدورة “لا يجب أن ينسينا أن دوراته في الدار البيضاء وصلت إلى نصف مليون زيارة”، موردة في هذا الصدد مثال حجم الزيارات في دورة 2019 التي بلغت 550 ألف زائر.

وأضافت رقي أنه “إذا أردنا أن نحلل الأرقام فيجب أن نعقد مقارنة بين دورات الدار البيضاء والرباط”، مفسرة أن “ارتفاع عدد الزوار مرده إلى اقتناع عدد من الناس الذين كانوا يتوافدون على المعرض بالعاصمة الإقتصادية بأن المعرض رحل بشكل نهائي إلى الرباط”.

وعن العوامل التي تفسر ارتفاع عدد زوار معرض الكتاب خلال هذه السنة، تضيف رقي أن للبرامج الوطنية للقراءة التي يعرفها المغرب دور في ذها الارتفاع ومنها المشروع الوطني للقراءة الذي يشجع فئات متعددة على ممارسة فعل القراءة وبالتالي زيارة واقتناء الكتب من المعرض الدولي للكتاب ومنهم الطلبة الجامعيين وبرنامج التلميذ المثقف الخاص بالتلاميذ في السلك الابتدائي والتأهيلي والإعدادي وأيضا برنامج الأستاذ المثقف.

واسترسلت المتحدثة ذاتها أن المعرض حينما تحول إلى الرباط في أول نسخة فقد تقلص حجم الحضور ب50 في المائة أي من أزيد من 500 ألف في الدار البيضاء إلى ما يقارب 200 ألف في الرباط، مواصلة أن “استقرار تنظيم المعرض في الرباط سيؤدى إلى تصاعد حجم الزيادة وقد يفوق حتى المستوى القياسي الذي سجلته سنة 2019”.

ورجحت الفاعلة في المجال الثقافي أن تكون نسبة كبيرة من هذا الارتفاع “في صفوف الشباب والتلاميذ”، مسجلة أن المطلوب حاليا هو معرفة “طبيعة هؤلاء الزوار، وهل أجبرتهم المدارس على الحضور أم أنه حضور طوعي؟”.

استئناس بالمكان الجديد

من جانبه، اعتبر رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، نور الدين أقشاني، أنه “لاشك في أن الدورة 29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب عرفت إقبالا بنسبة كبيرة عن النسخة السابقة لاستئناس ساكنة الرباط بهذا المعرض الذي انتقل من العاصمة الإقتصادية منذ ثلاث سنوات”.

وتابع أقشاني، في تصريح لجريدة “مدار 21″، أن “تحويل المعرض من الدار البيضاء إلى العاصمة الرباط وجد صدى وارتياح لدى العديد من الشرائح الاجتماعية بالعاصمة الثقافية للمملكة”، مسجلا أن “الملاحظة تكمن في ارتفاع ثمن اقتناء الكتب، وغياب تخفيضات لدى غالبية دور النشر خصوصا المغربية منها، الشيء الذي يسمح فقط باقتناء عينة قليلة من الإصدارات القادمة من دور النشر المتواجدة في بعض الدول العربية أو بالقارة العجوز”.

ورغم “الإقبال الكبير” لفئات مختلفة من المجتمع المغربي، طيلة أيام المعرض، وبرمجة مجموعة من الورشات والندوات وحفلات التوقيع في العديد من الأروقة في أوقات متزامنة، والتي استقطبت جمهورا متعطشا لاكتشاف الكتب الجديدة، استنتج الناشط في المجال الثقافي أن “منسوبية القراءة تبقى متدنية بشكل كبير، باعتبار غياب دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في تحبيب القراءة للناشئة لعدة عوامل إجتماعية واقتصادية وبيئية”.

وألحَّ المتحدث ذاته على أن التشجيع على إحياء القراءة لدى الشباب والأطفال داخل المجتمع، “لا يستقيم إلا باعتماد وزارة التربية الوطنية على استراتيجية وطنية، ومناهج تربوية منذ السلك الإبتدائي تهم الفعل القرائي”.

ولم يبعد أقشاني مسؤولية إحياء القراءة عن القطاعات الحكومية الآخرى كوزارة الثقافة والشباب والسياحة والمؤسسات الإقتصادية والمجالس الترابية، مشددا على “ضرورة انخراطها في هذا الورش الكبير الذي سيغرس في نفوس أطفالنا وشبابنا بذرة القراءة”.

وثمَّن المصرح نفسه ما تقوم به وزارة الثقافة في تعزيز إشعاع المشهد الثقافي المغربي عبر تنظيم المعرض الدولي للكتاب والنشر الذي أصبح موعدا سنويا للكتاب والكتاب، وكذا المعارض الجهوية، معتبرا أن “هذه نقطة إيجابية”، بالإضافة إلى “الدور الكبير الذي تقوم به بعض التنظيمات الثقافية الوطنية كشبكة المقاهي الثقافية بالمغرب ورابطة كاتبات المغرب وبيت الشعر واتحاد كتاب المغرب من خلال تواجدها بالمعرض”.

وخلص أقشاني إلى أن المسببات الحقيقية وراء تراجع فعل القراءة “تكمن وراء الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي لها تأثير كبير في عدم الرقي بالفعل القرائي في مجتمعنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News