سياسة

 المناصفة السياسية في اختبار 8 شتنبر: مقاومات شرسة لتمثيلية النساء

 المناصفة السياسية في اختبار 8 شتنبر: مقاومات شرسة لتمثيلية النساء

تتباين مشاركة النساء في المشهد السياسي من مجتمع لآخر حسب منظومة القيم والقوانين المؤطرة له. ولم يزل التمثيل السياسي للمرأة ضعيفا في الأنظمة العربية لأسباب ضمنها رفض المجتمع تولي النساء أدوارا قيادية. غير أن هناك من يعزي تدني مشاركة المرأة في تدبير الشأن العام إلى النساء أنفسهن ومدى قدرتهن على التصدي لكل محاولات التهميش التي يتعرضن له مجتمعيا. كما نجد من بين الأسباب  عدم تشجيع أحزاب لمشاركة النساء في مراكز القرار لافتقار هذه الهيآت السياسية لبنية ديمقراطية متينة تؤمن بحضور المرأة داخلها.

وبالعودة إلى الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة نجد نجاحا خجولا للنساء ضمن اللوائح المحلية إذ لا تتجاوز النتائج عدد أصابع اليد الواحدة، فهل تضرب هذه النتائج مبدأ المناصفة عرض الحائط؟.

المناضلة الحقوقية والسياسية خديجة الرياضي، ترى بهذا الخصوص في تصريح لـ”مدار21″ أنه “لا يمكن أن نجد هناك مشاركة للنساء في وضع منحط وينحو إلى الحضيض، وآخر ما يمكن أن ننتظره أن يكون هناك مناصفة، واهتمام بالمشاركة النسائية، أو يجد النساء مكانا لهن ضمن هذا المستنقع.”

وتواصل المتحدثة نفسها أن “هذه الانتخابات كارثة حقيقة وأكثرها فسادا، متسائلة عن جدوى وجود النساء ضمن هذا الوسط”، مضيفة “هل يستطعن خدمة قضاياهن، وهل سيتم الاستجابة لمشاكل النساء في وسط جيش من الفاسدين؟”.

وحيت الرياضي جميع النساء اللواتي أبين المشاركة في الانتخابات لأن هذه الأخيرة على حد تعبيرها تزكي الفساد والاستبداد، ولا رهان عليها كما لا ننتظر منها شيئا، داعية النساء إلى الاستمرار في النضال من أجل ديمقراطية حقيقية ومواجهة الفساد بالعمل خارج المؤسسات السياسية.

وأضافت الحقوقية ذاتها “النساء في البرلمان صوتن على قانون يشغل طفلات، إذن لا ننتظر من هذه المؤسسات أن تدافع عن قضايا النساء بل هي تدافع عمن وضعها، هذا الأخير مسؤول عن الأوضاع الكارثية التي نعيشها وتعيشها النساء.”

من جانبه، أوضح الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري عمر الشرقاوي لجريدة “مدار21” أنه مازالت هناك صعوبات كبيرة في حضور النساء في المؤسسات بصفة عامة، بناء على إرادة السياسيين، وهذا الحضور يتم بناء على الكوتا”، مبرزا وجود هيمنة كبيرة للمنطق السياسي الذكوري، وأنه من الصعب أن يفتح المجال للنساء، بحكم أن البيئة الاجتماعية مازالت تنظر إلى مشاركة المرأة في الممارسة السياسية وكأنها ترف واستثناء.

وتابع المتحدث نفسه “مازال هناك رهان على سلطة القانون بدل إرادة الفاعل السياسي، إذ نجد أنه من ضمن 92 دائرة فازت خمسة نساء وهي نسبة ضعيفة، لكن إذا أخذنا ما أفرزته اللوائح الجهوية ترتفع الكوتا إلى 95 امرأة أي يمثل ما يناهز 25%، وهي نسبة على الأقل ليست بالسيئة، ولكن الطموح كان أن نصل إلى الثلث في انتظار السعي إلى المناصفة”

وحول قدرة النساء على الوصول إلى مراكز قيادية قال المتحدث نفسه “المرأة يحكمها مناح وظروف وسياق اجتماعي صحيح أن ذلك يلعب دورا في تقليص مساحة النساء لكن الأمر مرتبط أساسا ببنية ديمقراطية ضعيفة في الأحزاب السياسية، وبنوع من الهيمنة الذكورية، وبمنطق يجعل السياسة حكرا على الرجال” مضيفا ” هناك العشرات من النساء اللواتي طلبن أن يصبحن وكيلات لكن الأحزاب السياسية لم تشجعهن فالضمان الوحيد هو سلطة القانون.”

وواصل الشرقاوي “الانتخابات الجماعية على الأقل نجد اللائحة النسائية تشكل ثلث اللوائح المحلية في الجماعات والجهات، إذن مازلنا نخضع لسلطة القانون الذي يفتح بعض المجال لممارسة المرأة في السياسية والحضور في الأجهزة التقديرية.”

واعتبرت إحدى مؤسسات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب خديجة الرباح أن خمس النساء اللواتي نجحن شملن فقط الجماعات الصغرى التي لا تتجاوز 35 ألف نسمة.

وأفادت المتحدثة ذاتها أن القانون ضمن الثلث في حضور النساء في العمالات والأقاليم ، إذ قالت ” هذا الثلث نعتبره تقدم لأن نسبة تمثيلية النساء في مجالس العمالات والأقاليم كانت 4.5%  في 2015، فالانتقال إلى الثلث بالنسبة لهذه الانتخابات هو تطور غير قابل للإنكار، لكن الضعف يكمن في نسبة تمثيلية النساء في الجماعات التي لم يستطعن فيها النساء بلوغ نسبة الثلث، ونعتبر الجماعات مهمة جدا لأنها الخلايا الأساس في التربية على المواطنة، ولتحقيق تنمية مستدامة.”

وعزت المتحدثة نفسها أسباب الضعف في تمثيلية النساء على مستوى الجماعات إلى أن القانون لم يعط إمكانية الكوتا كما هو الشأن في العمالات والأقاليم، فالجماعات نجدها تتكلم عن مقاعد إضافية التي لم توفر إمكانية الارتقاء بالتمثيلية إلى الثلث بل أعطت إمكانية التواجد فقط في أقل من 27% من النساء في المجالس الجماعية، لكن لا وجود إلى أرقام رسمية فيما يخص البيانات المصنفة حسب النوع الاجتماعي الخاص بالانتخابات البرلمانية والجماعية والجهوية.”

وأشارت الرباح إلى أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب قامت بحملة ترافع قوية من أجل تغيير القوانين الانتخابية، عن طريق صياغة مذكرات، وبلاغات، وبيانات، والقيام بعدة لقاءات مع المعنيين في وزارة الداخلية، والفرق البرلمانية، وقادة الأحزاب السياسية إلا أنه إلى حد الآن مازالت المناصفة مبدأ دستوري لم يستطع أن ينفذ إلى الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News