ميارة يبرز تلازم العمل اللائق والتنمية المستدامة وتحديات تأهيل المنظومة الاقتصادية

أكد النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، اليوم الإثنين، على التلازم القائم بين توفير العمل اللائق وتحقيق التنمية المستدامة، مستعرضا الإطار القانوني الذي يكفل شروط الكرامة بالشغل، وكذا تحديات تأهيل المنظومة الاقتصادية.
وأوضح ميارة على هامش كلمته الافتتاحية للمنتدى البرلماني الدولي الثامن للعدالة الاجتماعية تحت شعار “العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة”، أن المنتدى “يتوخى على وجه الخصوص إبراز علاقة التلازم والتكامل بين العمل اللائق والتنمية المستدامة على ضوء المنظومة المعيارية الدولية والوطنية… وعلى ضوء البند الثامن من أهداف التنمية المستدامة، الذي يؤكد على علاقة التلازم بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمالة الكاملة والعمل اللائق”.
ولفت إلى أن العمل اللائق، من منظور اجتماعي وحقوقي، يعرف بكونه “العمل الذي يتم في ظروف من الحرية والإنصاف” ويحفظ للعامل “أمنه وكرامته وإنسانيته”، وتنبني بموجبه العلاقات بين صاحب العمل والعمال ومؤسساتهم التمثيلية على أساس “احترام المبادئ والحقوق الأساسية”، ويحتكم فيه الأطراف إلى أخلاقيات ومزايا “الحوار الاجتماعي” مع السعي الدائم في إطاره إلى “توسيع نطاق الحماية الاجتماعية” وضمان “الدخل الكافي للنساء وللرجال، على حد سواء، من دون أي تمييز”.
وأوضح بالمقابل أن التنمية، من زاوية اقتصادية صرفة، تقوم لا محالة على ضرورة التقييم المستمر للمقاربات المعتمدة في مجالات التصنيع والاستثمار، وعلى الحاجة إلى تطعيمها وإثرائها اعتبارا للدور المحوري الذي يضطلع به النسيج الاقتصادي إجمالا في خلق الثروة وفي خلق مناصب الشغل.
وحدد ميارة أهداف أشغال هذا المنتدى، بالأساس، في “الوقوف عند واقع العمل اللائق في بلادنا والإشكالات المختلفة التي يثيرها، وبصفة خاصة مدى إسهام العمل اللائق في إدراك وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، كما حددها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة”.
ومن الأهداف أيضا “إبراز المكانة التي توليها المنظومة القانونية المتعلقة بالتنمية المستدامة للعمل اللائق، باعتباره عاملا ذو طبيعة أفقية، وذو تأثير على العديد من أهداف التنمية المستدامة”.
ثم يأتي من أهداف المنتدى تسليط الضوء على تحديات تأهيل المنظومة الاقتصادية الوطنية وتعزيز الاندماج بين مختلف مكوناتها الإنتاجية، من منطلق أنه “لا يمكن توفير فرص الشغل، أو إيجاد منظومة اجتماعية عصرية ولائقة، إلا بإحداث نقلة نوعية في مجالات الاستثمار، ودعم القطاع الإنتاجي الوطني”، كما أكد ذلك الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة تخليد الذكرى 19 لعيد العرش المجيد بتاريخ 29 يوليوز 2018.
وذكر ميارة بالالتزامات الاتفاقية والدستورية لبلادنا، مشيرا إلى أن إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة، موضوع قرار الجمعية العامة رقم 199/63 بتاريخ 19 ديسمبر 2008، يربط في فقرته الرابعة بين “هدفي توفير العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل الكريم للجميع بما فيهم النساء والشباب”، وبين متطلبات التقائية السياسات العمومية الاجتماعية تحقيقا للأهداف الإستراتيجية الأربع، المتمثلة في “إيجاد فرص العمل” و”احترام المبادئ والحقوق الأساسية في العمل” و”الحوار الاجتماعي” و”الحماية الاجتماعية”.
واستحضر رئيس مجلس المستشارين رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 20 فبراير 2010، بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، والتي أكد فيها أن العدالة الاجتماعية تستند إلى “قيم الإنصاف والمساواة واحترام التنوع وتيسير فرص الاستفادة من الحماية الاجتماعية، وإعمال حقوق الإنسان في كافة مجالات الحياة، بما فيها مكان العمل”.
وتعتبر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، من جهتها، أن العدالة الاجتماعية تتحقق بضمان تكافؤ الفرص أمام الأفراد لتنمية قدراتهم الذاتية، يضيف ميارة.
وتابع أنه “على مستوى منظومتنا المعيارية الوطنية، فيجدر التذكير، في هذا الصدد، بأن تصدير دستور 2011، يكرس اختيار المملكة الذي لا رجعة فيه في “إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم في نطاق التلازم بين الحقوق والواجبات”، كما يحظر كافة أشكال التمييز”.
وعلى صعيد آخر، يضيف المسؤول نفسه بأن “الفصل 6 من الدستور على الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية بـ”توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية”، فيما يحدد الفصل 31 من الدستور نطاق ومجال الالتزامات الإيجابية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية في تعبئة الوسائل الضرورية لضمان التمتع الفعلي للمواطنات والمواطنين على قدم المساواة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية.
وفي نفس السياق، ينص الدستور على التزامات إيجابية تتعلق بحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لفئات عمرية ومجتمعية، تحقيقا للطابع الإدماجي للعدالة الاجتماعية (الفصل 32 فيما يتعلق بالأطفال، والفصل 33 فيما يتعلق بالشباب، والفصل 34 فيما يتعلق بالنساء والأمهات والأطفال والأشخاص المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة).
وشدد المتحدث على ضرورة “إدراك هذه الالتزامات الدستورية والاتفاقية في علاقة بالمبادئ الدستورية المتعلقة بالجهات والجماعات الترابية لا سيما مبادئ التدبير الحر، والتعاون، والتضامن، ومشاركة السكان في تدبير شؤونهم، ومساهمة الجهات وباقي الجماعات الترابية في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين”.