صوت الجامعة

البرلمان يرفض “توجهات ميراوي” ويُحذر من تفاقم من عزلة الأحياء الجامعية بفعل القطاع الخاص

البرلمان يرفض “توجهات ميراوي” ويُحذر من تفاقم من عزلة الأحياء الجامعية بفعل القطاع الخاص

رفض تقرير برلماني حديث أعدّه مجلس المستشارين حول “التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح”، توجهات وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي الرامية إلى تحفيز الشراكة مع القطاع الخاص قصد سد الخصاص في مجال السكن الطلابي، محذرا في السياق ذاته من تفاقم عزلة الأحياء الجامعية بفعل فسح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص.

وسجل تقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية الخاصة بمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، يتوفر “مدار21” على نسخة منه، أنه رغم الجهود التي بذلت في بناء أحياء جامعية لإيواء الطلبة فإن فلسفة إحداثها ظلت مبنية على الاستجابة لحاجات السكن والتغذية للطلبة المحتاجين اجتماعيا والبعيدين جغرافيا عن المؤسسة التي يدرسون فيها.

ويرى التقرير البرلماني، أن هذا التوجه المحكوم بإكراهات مالية جعل الحي الجامعي عبارة من جهة عن مكان يلجأ إليه الطلبة فقط  للأكل والمبيت وتغيب عنه غالبا مظاهر التنشيط الثقافي والرياضي، ومن جهة أخرى عن تجمع إنساني لا يسمح بالتمازج الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع.

وبحسب التقرير ذاته، فإن فسح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في السكن الجامعي فاقم من العزلة الاجتماعية للأحياء الجامعية العمومية، “عندما أصبحت الطبقات المتوسطة تختار الأحياء الجامعية المحدثة بشراكة مع القطاع الخاص”، منبها إلى تفضيل الفئات الميسورة عدم التوجه إلى الجامعة العمومية بعد إحداث مؤسسات التعليم العالي الخاص أو تلك المحدثة في إطار الشراكة، ومنها من يقطن في سكن مستقل بحكم توفر الإمكانات المالية لذلك وبحكم أن معايير السكن الجامعي لا تنطبق عليه.

وكشف وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، أن الوزارة تعمل من خلال المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية،على الرفع من الطاقة الايوائية للأحياء الجامعية وذلك من خلال برمجة مشاريع انشاء أحياء أو إقامات جامعية جديدة بمختلف المدن الجامعية من خلال تحفيز الشراكة مع القطاع الخاص قصد سد الخصاص في مجال السكن الطلابي.

وأوضح ميراوي، أن الموسم الجامعي الحالي، عرف تعزيز عرض السكن بالأحياء الجامعية العمومية بما يقارب 2023 سريرا إضافيا، ليتجاوز العدد الاجمالي 53 ألف و653 سريرا، 63 بالمائة منها مخصصة للإناث، مشيرا إلى أنه تم إبرام 17 اتفاقية مع العديد من المنعشين العقاريين من أجل بناء إقامات طلابية جديدة والتي افتتح منها لحد الآن 6 إقامات بكل من تطوان والرباط والقنيطرة وأكادير، في حين لا تزال 11 إقامة في طور الانجاز والتي تقدر طاقتها الاستعابية بـ6950 سريرا.

من جانب آخر، لفت التقرير إلى أن توزيع الجامعات المغربية لا يستند إلى خارطة وطنية للتعليم العالي، حيث واصلت الجامعات توسعها عبر إحداث مؤسسات جامعية تابعة لها، وإن في مدن تبعد عنها مئات الكيلومترات، دون أن تستند تلك الإنشاءات إلى مخطط مديري للتعليم العالي يحدد المعايير المرجعية التي ينبغي الاحتكام إليها في تأسيس الجامعات أو إحداث المؤسسات التابعة لها.

وأدى ذلك حسب التقرير البرلماني، إلى تضخم في عدد الطلبة بالجامعات المغربية بحيث تعتبر جامعاتنا من بين العشرين جامعة الأكثر استقطابا للطلبة، “وهي في الوقت نفسه الجامعات التي لا تتبوأ مراتب جيدة في التصنيف بحيث أن أغلبها يوجد في المراتب ما بعد الألف، في حين أن الجامعات التي تتصدر التصنيف الدولي التايمز تستقطب في المتوسط 24 ألف طالب”، يؤكد المصدر ذاته.

وأوضح التقرير أنه في ظل عدم توفر جميع جهات المملكة على جامعة واحدة، على الأقل في كل جهة، ومع ارتفاع الطلب على التعليم العالي وحاجة مدن متعددة لمؤسسات تلبي هذا الطلب، قامت الحكومات المتعاقبة ببناء مؤسسات سميت بالكليات متعددة التخصصات، بلغ عددها 15 كلية سنة 2022، تضم عدة تخصصات مختلفة ومتباينة، وتوفر أكثر من 35 في المائة من الطاقة الاستيعابية في المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح.

لكن التقرير البرلماني، نبه إلى أن الكليات متعددة التخصصات، لا تستجيب في معظمها للمعايير الدنيا لا من حيث التأطير البيداغوجي والإداري ولا من حيث البنيات التحتية والتجهيزات فضلا عن ذلك “لا يســمح إنشــاء مؤسســة للتعليــم العالــي منعزلــة فــي هــذه الجهــة أو تلــك، بالتأثيـــر الملموس فــي البعــد الاجتماعي والاقتصادي لهــذه المنطقة، ولا بضمــان تكويـــن بالمعايير المتعارف عليهــا، وتشــجيع اســتقرار هيئــة التدريــس”.

ولتجاوز هذا الوضع أشار المصدر ذاته إلى  تنصيص القانون الإطار في مادته رقم 12 على ” إرساء شبكة وطنية متجددة للجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي الأخرى، من خلال وضع خارطة وطنية استشرافية للتعليم العالي، وإقامة أقطاب جامعية موضوعاتية، وإحداث مركبات جامعية جهوية متكاملة، تتوفر فيها الشروط الملائمة للتعلم والتكوين، والتأطير والبحث، والخدمات الاجتماعية والثقافية والرياضية”.

وخلص التقرير إلى أن المخطط المديري للتعليم العالي قد يشكل الإجابة المناسبة عن سؤال الخارطة الوطنية للجامعات، وسؤال المركبات الجامعية المندمجة، وسؤال الأقطاب الجامعية الموضوعاتية، شريطة أن يعاد النظر في تنظيم التعليم العالي وفق مبدأ الملاءمة المستمرة بين التكوين والتحولات الاقتصادية والاجتماعية مع استحضار الأنظمة الجامعية على الصعيد الدولي كما نص على ذلك القانون الإطار 51.17

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News