فن

بعدما أضحى الإشهار شخصية بالأعمال الرمضانية.. ناقدون: الدراما المغربية بليدة في التعامل مع الإعلانات

بعدما أضحى الإشهار شخصية بالأعمال الرمضانية.. ناقدون: الدراما المغربية بليدة في التعامل مع الإعلانات

بعدما كانت تُخصص مساحة زمنية كبيرة للإعلانات التجارية في المواسم الرمضانية تقطع الفرجة على المشاهد لدقائق، تبنى صناع الأعمال الدرامية هذه السنة استراتيجية جديدة تقحم هاته الإشهارات في قلب الأحداث، بشكل وصفه نقاد بـ”المبتذل والبليد” يكسّر مسار الخط الدرامي دون إضفاء قيمة فنية.

وتعامل صناع هاته الأعمال باستهتار مع هذا العنصر، الذي مُرّر بشكل فج وبليد وبطريقة اعتباطية غير مدروسة، تخرج المشاهد من التركيز والمتابعة، بحسب نقاد.

وبهذا الصدد، قال الناقد الفني عبد الكريم واكريم في تصريح لجريدة “مدار21” إن الإشهارات التي تتخلل الأعمال الدرامية التلفزية عموما أمر مزعج، خصوصا حينما تكون طويلة ومتكررة الأمر الذي يدفع بالمشاهدين لتفضيل مشاهدة المسلسلات عبر الأنترنت حيث ليست هناك إشهارات ويمكن تلقي هذه الأعمال بشكل هادئ وصحي.

ويضيف الناقد، أنه زيادة على هذا الشكل من الإشهارات الذي رغم سلبيته أصبح معتادا، فوجئ الجمهور المغربي هذا الموسم الرمضاني بإقحام الإشهارات داخل أحداث العمل الدرامي، الأمر الذي جاء مبتذلا وعلى حساب القيمة الفنية لهذه الأعمال وضد مسار السرد الدرامي فيها، بحيث يشاهد في كل حلقة إشهارا لنوع من الصابون ليصبح هذا المنتوج شخصية أخرى في المسلسل تنافس الشخصيات الرئيسية وتزاحمها في الظهور على الشاشة.

وذكر الناقد بمشهد جاء فيه قصد شخصية في مسلسل البقال بدون مناسبة أو دافع درامي يجعلها تفعل ذلك وتطلب منه شريحة لتعبئة الهاتف وتنطق باسم شركة الاتصالات قبل أن تغادر بدون استعمال هاتفها المحمول، مشيرا إلى أن “هذا الأسلوب ظهر في ثلاثينيات القرن الماضي بأمريكا في نوعية من المسلسلات سميت ب”أوبرا الصابون” والتي كانت فيها “الدراما” في خدمة نوع الصابون الذي يبث إشهاره داخل أحداثها، وهي نوعية ذات مستوى فني متدني، ويبدو أن هذا ما شرع صانعو السلسلات المغربية في احتذائه”.

بدوره، الناقد فؤاد زويرق وصف الأمر بـ”بلادة الدراما المغربية في تعاملها مع الإعلانات المدفوعة”، مبرزا أن هذه الإشهارات التقليدية التي تعرض في التلفزيون أصبحت متجاوزة منذ مدة وظهرت إعلانات أخرى أكثر تطورا اجتاحت الأعمال السينمائية والدرامية، وخصوصا هذه الأخيرة ما دامت جزءا من التلفاز باعتباره جهازا له شعبية كبيرة في كل بيت، مما خلق الفرصة للمنتجين لعرض إنتاجاتهم بشكل مكثف وقوي وغير مباشر، ودخول الإعلانات إلى المسلسلات كسر النمط الكلاسيكي وخلق نوعا من التواصل الذكي بين المُشاهد الذي فقد الثقة في الإعلانات النمطية والسلع المعروضة.

وأضاف زويرق في تدوينة عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”: “ففي المسلسلات الغربية نلمس التعامل بعبقرية وإبداع مع هذا النوع من الإعلانات، حيث يعامل كعنصر أو كإكسسوار ضمن الحدث نفسه دون إظهاره كإعلان داخل المشهد أو اللقطة، فهو لا شك إشهار مدفوع، لكنه يبقى إشهارا خفيا”.

ويرى زويرق أن الدراما المغربية كعادتها تتعامل باستهتار مع هذا العنصر وتمرره بشكل بليد واعتباطي غير مدروس على أساس أن الجمهور المغربي غبي وساذج ولن ينتبه إلى مثل هذه الأمور.

وأردف: “نعرف أن الدراما في بلادنا فقيرة فنيا وإبداعيا، وبالتالي لا عجب أن يمتد فقرها إلى مثل هذه الإعلانات التي يطلق عليها الإعلان الموضوعي أو الضمني ”product placement” وتقوم مقام الإعلانات التحريرية في الجرائد والمجلات، وأصبحت جزءا من علم التسويق لها قواعدها وآلياتها، دون أن نتحدث عنها كفن داخل فن آخر يستلزم الذكاء والابتكار، وكذا الحيطة والحذر حتى لا تتحول النتيجة إلى سخط على المنتج نفسه ويدرك المتلقي في خضم الحدث الدرامي على أنه أمام وصلة إعلانية تخرجه من التركيز والمتابعة، وهذا لن يخدم بطبيعة الحال المنتج المعروض والعمل الدرامي على حدّ سواء”.

وواصل زويرق انتقاده لصناع محتوى الدراما المغربية، قائلا: “عوض أن يقنعوا المُشاهد بطريقة فنية باعتباره زبونا ومستهلكا ذكياّ، يمرروا له دائما الإعلانات داخل أعمالهم بطريقة مباشرة فجة”.

وأشار المتحدث ذاته بدوره إلى مثالين في حلقات من المسلسلين الأكثر شعبية هذا الموسم، “الأول لمشهد مقحم بكامله لا دور له في سياق أحداث حلقة من مسلسل ”كاينة ظروف”، حيث اتجهت حنان دون سابق إنذار ودون أي مبرر إلى بقال الحي وطلبت منه بطاقة تعبئةلشركة اتصالات من فئة 20 درهم، منحها إياها فوجهتها مباشرة إلى الكاميرا، ثم انسحبت، دون أن يكون لهذا المشهد أي تأثير، بل أظهرت بشكل بليد أنه مجرد إشهار مدفوع”.

وفي لقطة أخرى لا تقل بلادة عن سابقتها، تتجه الخادمة في مسلسل ”لمكتوب” إلى دولاب المطبخ دون أي هدف، تفتح بابه لتنقل لنا الكاميرا في لقطة قريبة جدا علب مسحوق الغسيل، ثم تنسحب مجددا، وهنا يتبين أننا مازلنا بعيدين كل البعد عن الإبداع في هذا المجال وغيره ويلزمنا الكثير للأسف، يضيف الناقد فؤاد زويرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News