ثقافة

حسن أوريد: “الموتشو” تُثير قضايا مزعجة وآنية وتُحدّث القراء عن واقعهم

حسن أوريد: “الموتشو” تُثير قضايا مزعجة وآنية وتُحدّث القراء عن واقعهم

قال الكاتب والمفكر المغربي حسن أوريد إن رواية “الموتشو”، التي أصدرها أخيرا، من نسج الخيال، لكنها غير منفصلة عن الواقع، مردفا: “ليست صدقا كاملا، بل هي كذب صادق، وتثير  قضايا مزعجة آنية، مما يحتم على ذوي الفكر أن ينكبوا عليها”.

وأضاف أوريد، في مداخلة خلال لقاء نظمته الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم “أماكن”، يوم أمس الأربعاء، بكلية علوم التربية بالرباط، أن روايته الجديدة “ليست حكيا، وإنما تتضمن زوايا متعددة لعرض قضايا معينة، تمتزج فيها جوانب من الإثارة والمتعة، والتفكر”.

وتابع المفكر ذاته: “الرواية نظرة ناقدة وفاحصة للعالم العربي، هذا العالم الذي كان واعدا، وكان يعد بعد الحرب العالمية الثانية قوة ثقافية ثالثة، إلى جانب الصين، قبل أن تخلف هذه القوة الموعد”.

وأشار أوريد، إلى أن زوايا التحليل تنوّعت باعتماد عدة شخوص، بيد أن أغلبها ينصب إلى ما يمكن تسميته بـ”جلد الذات والوقوف في منتصف الطريق”، في إشارة إلى أن الثقافة العربية لم تستطع أن تلتئم.

ويتضح من خلال هذه الشخوص والحوارات، وفق صاحب الرواية، تعقد الوضع في العالم العربي، مما يحيل إلى أن القصور الذاتي، والعرقلة البنيوية “غير كافيين”، مبرزا أن الشخصيات الواردة في الرواية “ترمز كلها إلى توجهات معينة، حيث إن كل شخصية تحيل إلى تصور معين، وعولجت ببناء حقيقي، وأن الواقع المعبر عنه معاين”، ومفسرا الإقبال على رواية “الموتشو” بأنها تُحدّث القراء عن واقعهم.

وخصص أوريد، في سياق مداخلته مداخلته، حيزا كبيرا للحديث عن الشخصية المحورية، التي اختار لها لقب “الموتشو”، واسمه أمين الكوهن، كان مشاركا ومناضلا في حركة 20 فبراير، وتشبع برؤى هذه الحركة، وعاش تداعياتها على مستوى مساره المهني والشخصي، ولهذا الفتى توجهات يسارية قومية، ويدافع عن القضية الفلسطينية.

وتطرق صاحب رواية “ربيع قرطبة” أيضا إلى شخصية الطبيبة “نعيمة بلحاج”، التي تعالج شخصا تعرض لحادثة سير أفقدته الحركة والنطق، ودخل في حالة غيبوبة، لافتا إلى أن هذا الشخص من العالم العربي، أقعدته حادثة سير، ولم يعد يستطع البوح والحديث، ويعيش نوعا من الهذيان وتداخل الأزمنة.

وكشف أوريد أن “شخصية “إستير كوهين” يهودية مغربية، لكن جارها “الموتشو”، يصر على تسميتها باليهودية المغربية، وبما أنها يهودية عاشت في إسرائيل، تشبعت بالخطاب الصهيوني، إذ ترى أن فلسطين أرضا من حق اليهود، الذين عادوا شعبا، وليسوا محتلين لأرض غيرهم، موضحا أنها تعد كذلك شخصية حقيقة باسم مغاير، وأن الحوار الذي كانت تجريه مع الشخصية المحورية في جزء كبير منه “حوار حقيقي”، مشيرا إلى أن هذه الشخصية تعيش نوعا من الاضطراب، وتنتابها هواجس مرتبطة بـ”الهولوكوست”، وتمثل إسرائيل في حالتها الذهنية والثقافية.

وأوضح المتحدث نفسه أن شخصية “محند أمزيان”، وهو أمازيغي يشتغل في جريدة، يُعرف بمهنيته، لكنه لم ينسلخ عما يعدّه “جرحه الوجودي”، أو ما يعرف بـ”جرح الاحتقان”، وينتهي به الأمر إلى الانفصال عن الجريدة، لكونه أمازيغيا تابع “حراك الريف”.

وشدد أوريد على أن الشخصيات الأساسية في هذا العمل الروائي تحيل جميعها إلى توجهات معينة، لذا لا ينبغي أن يُنظر إليها شخصيات فقط، بل يجب قراءتها بأبعادها، مبرزا في الوقت ذاته أن هناك أيضا شخصيات وسيطة في الرواية غير مؤثرة، ولكن تضطلع بدور، منها شخصية حارس العمارة “با بوشعيب”، الذي بثقافته الشعبية وبساطته، وحسن نيته، يدل على عبقرية شعبية في سذاجتها، وسماحة حيال الآخر، الذي يعبر عنه بطريقة عفوية، ثم أم الموتشو “الحاجة الحلو”، وهي فاسية مشبعة بثقافتها، إضافة إلى صاحب مطعم “بابل” العراقي، و”محسن السوداني”، ناهيك عن شخصيات أخرى حاضرة، وغائبة، تحدث عنها بضمير الغائب.

ولفت المتحدث عينه إلى أن أحداث رواية “الموتشو” تبدأ في خريف 2018، ثم تقف عند اختطاف خشقجي واغتياله، لتنتهي في ربيع 2019، لذلك فهي غير منفصلة عن الواقع، أو عن فترة عرف فيها العالم تحولات كثيرة من كورونا، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، عادا أن إصداره الجديد سيكون ملفا إكلينيكيا للعلاقات الدولية أو على الأقل للعالم العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News