خدمات | مجتمع

تقرير يكشف فضائح وزارة آيت الطالب في صفقات “زمن كورونا”

تقرير يكشف فضائح وزارة آيت الطالب في صفقات “زمن كورونا”

سجل تقرير برلماني، خروقات بـ”الجملة” في الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة في ظل جائحة “كوفيد19″، والتي وصلت حد تبني هذه الأخيرة سياسة التمييز السلبي بين الشركات عند معالجة طلبات التسجيل ومحاباة شركات بعينها دون أخرى حرمت من المشاركة في الصفقات العمومية المبرومة بصفة غير قانونية، ما صعب مهمة تزويد السوق المغربية بالمستلزمات الضرورية وقت ذروة الأزمة الوبائية.

وتعتبر عملية تسجيل الشركات شرطا مبدئيا لتمكين المقاولات من الاشتغال في سوق الدواء والمستلزمات الطبية، غير أن أعضاء المهمة الاستطلاعية وقفوا على عدة إشكالات تتعلق بكيفية تعامل الوزارة (مديرية الأدوية والصيدلة) مع الطلبات الواردة عليها.

وإذا كانت مساطر التسجيل والترخيص تتطلب في العادة عدة أشهر، نظرا لتعقيد الإجراءات، فإن شکایات من عدة مقاولات تم تسجيلها بهذا الخصوص، خاصة في ظل الجائحة التي تتطلب تجندا من قبل جميع الفاعلين الاقتصاديين لتزويد وزارة الصحة والسوق المغربية بالمستلزمات الطبية، غير أن تلك الشكايات كانت تقابل بصمت مطبق من الوزارة التي نهجت أسلوب التجاهل.

وأكد أعضاء اللجنة أن هذا الوضع دفع بإحدى الجمعيات الممثلة للمهنيين وللمقاولات العاملة في هذا المجال بمراسلة وزارة الصحة عدة مرات تطلب منها التسريع بإخراج التراخيص الضرورية، كما وجهت إليها عدة رسائل احتجاجية ضد تجميد التراخيص وتسجيل عدة شركات مقابل تسريع ملفات شركات أخرى، وذلك منذ 11 فبراير 2020 (أي قبل بداية حالة الطوارئ الصحية)

وأوضح تقرير اللجنة البرلمانية أن الجمعية المهنية بعثت مراسلة مستعجلة “تحث فيها الوزارة لمنح تراخيص استثنائية للمقاولات المسجلة لديها، بشكل استباقي، لاستيراد الكمامات الطبية الواقية” إلى جانب مراسلة أخرى 24 فبراير 2020 لمناقشة الإشكالات والصعوبات التي تعترض المهنيين للحصول بشكل سريع على شواهد التسجيل(C.E)؛ ثم مراسلة احتجاجية لمديرية الأدوية والصيدلة بتاريخ 26 فبراير 2020 على تأخر تسليم شواهد التسجيل للمقاولات التي طلبتها منذ أشهر، فضلا عن مراسلات أخرى لاحقة تدعو الوزارة لتسريع مساطر منح شواهد التسجيل للمقاولات المستوردة لعدد من المستلزمات الطبية (آلات التنفس الاصطناعي، المطهرات الكحولية، الكمامات الواقية الطبية وذات الاستعمال الفردي…)؛ إلى جانب مراسلة بتاريخ 14 أبريل 2020 تنبه لتعقيدات في منح الترخيصات في الوقت الذي تشهد فيه المملكة ندرة المستلزمات الطبية الأساسية لمواجهة الجائحة، وتدعو وزارة الصحة لاعتماد نظام استثنائي واستعجالي لتسريع الاستيراد لمدة 5 أشهر لتفادي استفحال الوضعية الوبائية وتمكين المملكة من منع تفاقم الوضعية الصحية للمصابين بالفيروس.

ووفقا لما سبق من مراسلات لم تحظ برد أو اعتبار من الوزارة الوصية، ولاحظت اللجنة “أن عددا من المقاولات استفادت من صفقات تفاوضية حتى دون أن تتوفر على التصريح القانوني المحدد في المادة 7 من القانون المنظم للمستلزمات الطبية” مشددة على أن “حرمان شركات أخرى من الترخيصات الاستثنائية خلال فترة الجائحة يؤكد بشكل لا لبس فيه ويؤشر بشكل واضح على شبهة محاباة بعض الشركات على حساب شركات أخرى في التعاقدات المتعلقة بالطلبيات العمومية.”

وشدّدت اللجنة على أن هذا الخرق القانوني الواضح للمبادئ والقواعد الأساسية لإبرام الصفقات العمومية يفترض، إذا ما تأكد، تترتب عليه مسؤوليات قانونية، كما يضرب في الأساس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المقاولات، وهو مبدأ دستوري حرصت المملكة على تضمينه الوثيقة الأساسية للدولة.

وبخصوص مدى احترام قواعد المساواة وتكافؤ الفرص عند إبرام الصفقات، لاحظت اللجنة تملص وزارة الصحة من قواعد الشفافية والنزاهة، ولمبادئ المساواة بين المقاولات وضمان المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص، وهي قواعد آمرة وملزمة للإدارة عند إبرامها للصفقات العمومية.

وسجلت اللجنة البرلمانية، لجوء الوزارة عند تعاقدها مع الموردين لتسريع مساطر الترخيص الاستثنائي المنصوص عليه في قرار وزارة الصحة المذكور أعلاه، وإصدار ترخيصات مستعجلة أو لاحقة على إبرام الصفقة لفائدة الشركات المستفيدة، في حين أن جزءا كبيرا من المهنيين كانوا يحتجون باستمرار على تجميد وتعطيل ملفاتهم لدى مديرية الأدوية والصيدلة، مما تسبب في حرمانهم من المشاركة في هاته الطلبيات العمومية.

وكمثال بارز على ذلك المعاملة التفضيلية التي حظيت بها إحدى الشركات، والتي حصلت على شهادة تسجيل المستلزم الطبي الذي طلبت تسجيله قبل أن تحصل هي نفسها على الترخيص القانوني لممارسة عملها في مجال المستلزمات الطبية، واستنادا إلى الوثائق التي تتوفر عليها المهمة الاستطلاعية، فقد تبين أن هاته الشركة حصلت على شهادة تسجيل الكمامات الجراحية “Masques chirurgicaux” بتاريخ 22 أكتوبر 2020، وهو التاريخ الذي لم تكن فيه هاته الشركة قد حصلت بعد على التصريح القانوني للاشتغال في مجال المستلزمات الطبية.

ويضيف التقرير أن هاته الشركة تم تسجيلها بشكل قانوني منتصف شهر نونبر 2020، في حين أنها تمكنت من تقديم طلب تسجيل المستلزم الطبي قبلها بعدة أسابيع، وهو أمر ممنوع قانونا، وتعاملت معها الوزارة بمحاباة واضحة عبر تمكينها من وضع الطلب وأداء الرسوم في وقت تم فيه إغلاق هاته الخدمة العمومية في وجه باقي الشركات، ومنحتها الترخيص القانوني الذي يتيح لها الاشتغال في هذا المجال تحت رقم 00/DMP/580 بتاريخ 11 نونبر 2020، ومكنتها مديرية الأدوية بالتالي من “مساطر غير قانونية ومضرة بالمنافسة الحرة ومخالفة ومخلة بمبدإ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الشركات”، يضيف المصدر ذاته.

ونبّهت اللجنة البرلمانية إلى هذا “الامتياز الممنوح لهاته الشركة” الذي اعتبرته خرقا ومخالفة صريحة للمادة 12 من القانون المذكور سالفا، والتي تنص صراحة على أنه “يتوقف عرض مستلزم طبي في السوق على الحصول المسبق على شهادة تسجيل تمنح من طرف الإدارة”، وعلى أنه “تمنح شهادة التسجيل، بناء على طلب، لكل مؤسسة تتولى تصنيع أو استيراد مستلزمات طبية مصرح بها قانونا لدى الإدارة وفقا للمادة 7.”

وأوضح اللجنة الاستطلاعية في تقريرها أن وزارة الصحة لم تحترم المادة الـ12 بخصوص هاته المقاولة، والتي لا يندرج التعامل معها في إطار الاستثناءات الواردة في المادة 13 من نفس القانون، مما يدخل بشكل صريح وواضح في إطار “محاباة هاته الشركة والمعاملة التفضيلية لها بشكل غير مبرر، على حساب مئات المقاولات العاملة في مجال المستلزمات الطبية والمصرح بها لدى الوزارة، والتي يمكنها بكل سهولة تزويد الوزارة بالمواد المطلوبة بشكل أسرع.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News