بيبل

من “روتيني اليومي” لاقتحام الغناء.. مشاهير السوشل ميديا يبحثون عن “شهرة زائفة”

من “روتيني اليومي” لاقتحام الغناء.. مشاهير السوشل ميديا يبحثون عن “شهرة زائفة”

أثارت اليوتيوبر الملقبة بـ”مي نعيمة البدوية” موجة من السخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب اقتحامها مجال الغناء وإصدارها أغنية بعنوان “مابغاوش ليا الخير” بمشاركة زوجها عبر قناتها الخاصة على موقع تحميل الفيديوهات “يوتيوب”.

يخ منو عيني فيه

وحصدت أغنية “مي نعيمة” 300 ألف مشاهدة في أقل من 24 ساعة، بالرغم من أن هذه الأعمال وغيرها من المحتويات “غير الهادفة” كما يصفها البعض، إلى جانب فيديوهات “روتيني اليومي”، يقابلها سيل من الانتقادات والهجوم ، بالإضافة إلى دعوات النشطاء المغاربة المستمرة إلى مقاطعتها ومحاسبة أصحابها من لدن الجهات المعنية، فالأرقام تظهر عكس ذلك، حيث إن هذه المحتويات تحظى بإقبال واسع، وتحقق مشاهدات عالية، علاوة على حجزها لمراتب متقدمة في “الطوندونس” المغربي، ما يقودنا للتساؤل حول دوافع المشاهدين؛ هل هو الفضول؟ أم أن هؤلاء الأشخاص أسسوا قاعدة جماهرية عريضة.

“مي نعيمة” التي قضت 3 أشهر في السجن بسبب ما تلفظت به خلال بداية الجائحة، إذ وجهت لها تهمة نشر محتويات زائفة بواسطة الأنظمة المعلوماتية والامتناع عن تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العمومية، تتابع فيديوهاتها بالملايين رغم بثها محتوى “تافه” في نظر العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.

الهوس بالشهرة

ولا تعد “مي نعيمة” الوحيدة التي اتجهت إلى مجال الغناء في الآونة الأخيرة، بل اختار العديد من المشاهير الركوب على موجة “البوز” من خلال طرحهم أغان عبر قنواتهم الخاصة على موقع رفع الفيديوهات “يوتيوب”، حيث إن مجال الغناء لم يعد فيه الصوت معيارا للنجاح، بل أصبحت الصورة وعدد المتابعين هما مقياس الشهرة والنجومية، وأساس النجاح في ظل هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتلقى العديد من هؤلاء سيلا من الانتقادات من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ويصل الأمر إلى حد السخرية منهم، حيث إنهم، وفق قولهم، يفتقدون لمقومات الغناء وشروطه، من قبيل انتقاء الكلمات والألحان المتميزة، بالإضافة إلى الصوت الجيد، مما يجعلهم يلجؤون لخاصية “الأوتوتين”، التي تجود شيئا ما أداءهم. وكل ذلك في سبيل احتلال مراكز متقدمة في قائمة الفيديوهات الأكثر مشاهدة، ضاربين في أساسيات الغناء وشروطه.

وبعدما كان إنتاج الأغنية الواحدة يتطلب الكثير من المجهودات؛ في انتقاء الكلمات والألحان المتميزة، بالإضافة إلى صرف ملايين السنتيمات، على تصوير الكليب وبيعه في الأسواق، بات الأمر الآن مختلفا تماما، مع انتشار وسائل التواصل الإجتماعي، التي فتحت الباب أمام مشاهير “السوشل ميديا” المغاربة والعرب، لاقتحام مجال الغناء.

وكانت العراقية نور ستارز، التي يتابعها على قناتها الخاصة على موقع يوتيوب فقط أزيد من 18 مليونا، هي السباقة في القيام بهذه الخطوة، ناهيك عن نارين بيوتي، التي طرحت عدة أغان، عبر قناتها التي يتابعها أزيد من 12 مليونا، وآخرون من بينهم السورية بيسان إسماعيل، وأصالة مالح.

وبالعودة إلى الساحة المغربية، طرح عدد من المشاهير المغاربة أغان، من بينهم الشرطي المغربي الموقوف هشام الملولي، الذي ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الأغاني عبر قناته الخاصة على موقع تحميل الفيديوهات يوتيوب، حيث إنه حقق من خلالها ملايين المشاهدات، والملقبة بـ”القايدة غيثة” بدورها أصدرت أغنية مشتركة مع شخص يدعى رشيد النجري عبر قناتها الخاصة على موقع تحميل الفيديوهات يوتيوب، وتلقت على إثرها وابلا من الانتقادات.

وقبل أشهر أصدرت اليوتيوبر أسماء بيوتي، عبر قناتها الخاصة على موقع تحميل الفيديوهات يوتيوب، أغنية عبارة عن ديو جمعها بحازم جام، التي حققت من خلالها ملايين المشاهدات، وتصدرت حينها قائمة “الطوندونس المغربي” لأيام.

شهرة مؤقتة

وللخوض في هذا الشأن، لا بد من الرجوع إلى أهل الميدان. وفي هذا الصدد، كانت جريدة مدار21 قد تواصلت مع الفنان المغربي محمد الغاوي لاستقاء رأيه في الموضوع، وقال إن “الشيء الوحيد الذي لا يقبل المجاملة ولا تستخدم فيه لغة الخشب والوساطة هو الفن، شأنه شأن مجال الرياضة، فالذي يمتلك الموهبة والمؤهلات، التي تخوله الدخول إلى المجال الفني، يحتضنه الجمهور ويشجعه، والذي لا يستوفي الشروط الأساسية لا يمكنه تأسيس قاعدة جماهرية”.

وأوضح الغاوي، في اتصال هاتفي مع جريدة مدار21: “أعتقد أن الأشخاص الذين يقتحمون المجال الفني من أجل الشهرة فقط وبدون موهبة، يصنعون شهرة مؤقتة، سرعان ما تنتهي وتزول لأن الكلمة الفاصلة تبقى للجمهور”، مشيرا إلى أن “الجمهور ذواق ومتتبع ومهتم، يميز بين ما هو جيد وما هو رديئ، وبالتالي لا يمكن لأي شخص أن يقتحم المجال الفني بدون موهبة ومؤهلات ومواصفات تضعه ضمن قائمة الفنانين”.

وحول حصول هؤلاء الأشخاص على عدد مشاهدات عالية في مواقع التواصل الاجتماعي، أرجع الغاوي ذلك إلى شراء نسب المشاهدات، واصفا إيها بـ”العملية المفضوحة”، إذ إن أي شخص أراد الآن الحصول على ملايين المشاهدات يكفيه أن يدفع أموالا مقابل ذلك، فأصبحت بذلك المسألة تجارية، مبرزا أنه لا بد من ترك الأمر للجمهور، لأن النجاح الحقيقي لا تعكسه الأرقام بل يكون طواعية، دون تزوير المشاهدات، ولكن عموما يمكن القول إن البقاء للأصلح، والجمهور المغربي يميز بين الصالح من الطالح، يضيف الغاوي.

أغان تافهة

وفي السياق نفسه، عد الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي أغاني بعض هؤلاء “تافهة” هدفها، حسب رأيه، خلق الحدث من أجل “البوز” وتحقيق الربح المادي فقط، حيث إنها تمس بالمجتمع لتضمنها كلمات “نابية” لا يمكن الاستماع إليها وسط العائلة، مشيرا إلى أن “هؤلاء الذين يقتحمون مجال الغناء يشكلون خطورة كبيرة على المجتمع، لأنها تستهدف القاصرين وتستغلهم وتشجعهم على تعاطي المخدرات والقيام بالممارسات غير القانونية”.

وأضاف الستاتي أن “بعض هذه الأغاني تشكل أيضا تحريضا صريحا ومباشرا على ارتكاب أفعال إجرامية داخل المجتمع الذي نسعى إلى بنائه وإنتاج أبناء صالحين يحملون المشعل ويقودون المغرب نحو الازدهار”، مؤكدا ضرورة تدخل الجهات المعنية لتوقيف هؤلاء الأشخاص الدخلاء ومنعهم من اقتحام هذا المجال، الذي يجهلون قواعده الأساسية.

شهرة يغذيها الفضول

ولمعرفة رأي الطب النفسي في هوس بعض المشاهير بـ”السوشل ميديا”، تواصلنا مع الأخصائي والمعالج النفسي فيصل طهاري، الذي تساءل قائلا: “لا ندري بالفعل هل هم مشاهير أم لا؟ فالجميع أصبح يبحث عن الشهرة ويسعى إليها، حتى إن كانت سلبية وبسلوكات ربما لا تليق بمجتمعنا وأخلاقنا، حيث إن هذا الهوس مادي، لأن المشاهدات وعدد المتابعات كلها لها مردودية مادية يسعى إليها هؤلاء الأشخاص”.

وحسب طهاري، فإن هذا السلوك هو وظيفة الإنسان الكسول، الذي لا يريد العمل والاجتهاد أو الدراسة فيلجأ إلى الربح السريع، إذ يعتقد البعض أن مشاركتهم لحياتهم الخاصة أو بث فيديوهات مثيرة جدا، كظاهرة روتيني اليومي على سبيل المثال، فنجد نساء أنشأن قنوات في اليوتيوب بدون محتوى هادف، بل بغاية استعراض أجسامهن وإظهار مناطق حساسة في أجسادهن، مشيرا إلى أن هذا يدخل في إطار ما سماه “الدعارة الرقمية”، ويظهر بشكلي جلي أن “الإشكال مادي، وأن الهدف هو البحث عن الربح السريع”.

وأكد المتحدث نفسه، أن من يعرض جسمه أو خصوصيته على مواقع التواصل الاجتماعي فقط ليرفع من عدد المشاهدات، يعطينا استنتاجا واحدا يفيد بأن هؤلاء الأشخاص ليسوا أسوياء في نفوسهم وغير متوازنين في شخصياتهم.

وعن انتقاد المغاربة لهاته المحتويات، وفي الوقت نفسه حصولها على مشاهدات عالية، قال طهاري: “للأسف هو فخ يقع فيه الكثير من الشباب، ربما الفضول الذي يقودهم للمشاهدة، فنجد فيديوهات مخلة بالحياء وتافهة جدا تحصد آلاف المشاهدات ومثلها من التعليقات”.

واختتم طهاري حديثه قائلا: “مع الأسف حتى بعض العقلاء من الذين كنا نحسبهم فنانين، التحقوا بهذه الموجة وأصبحوا يخلقون أخبارا زائفة فقط من أجل الترويج لأعمالهم أو لشخصهم حتى لا ينساهم الجمهور، فوجدنا فنانا ينشر خبر وفاته بنفسه من باب الإشاعة لكي تسلط عليه الأضواء، وهذا يدخل كله ضمن سيكولوجية الجماهير أو ما يحبه المشاهد، فيتم إشباع رغباتهم ويكون بذلك تخليا كليا عن منظومة القيم والأخلاق داخل المجتمع، مبرزا أن المتضررين من هذا الأمر هم الأطفال والمراهقين، لكونهم الفئة الأكثر استهلاكا لمواقع التواصل الاجتماعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News