اقتصاد

شبح “التضخم”.. خبير: بنك المغرب والحكومة يقومان باللازم والحل هو تنفيذ النموذج التنموي

شبح “التضخم”.. خبير: بنك المغرب والحكومة يقومان باللازم والحل هو تنفيذ النموذج التنموي

بينما تتوقع المندوبية السامية للتخطيط أن يبلغ معدل التضخم 1.9 تزامنا مع نهاية 2023، مقارنة بـ5 في المائة التي استقر فيها عند متم 2022، تتواصل التخوفات بشأن تأثير التضخم على غلاء الأسعار، لا سيما مع اقتراب مناسبات مهمة من بينها شهر رمضان وعيد الأضحى، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة إجراءات بنك المغرب والإجراءات الحكومية على مواجهة التضخم والإجابة على الوضع الاقتصادي.

في هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي مهدي فقير، في تصريح لـ”مدار21″، أن الحكومة المغربية وبنك المغرب قاما بالإجراءات المطلوبة ظرفيا للحد من التضخم والحفاظ على السيادة المالية والاقتصادية، مؤكدا أن الحلول ينبغي أن تكون شاملة وذلك من خلال تنزيل توصيات النموذج التنموي الجديد لخلق اقتصاد قوي، وكذا بانخراط القطاع الخاص في العمل لصالح الوطن، وتجاوز منطق الربح بالمنظور الرأسمالي.

بنك المغرب.. تدخل ظرفي صائب

وحول إجراءات بنك المغرب، أوضح فقير بأن “إشكالية التضخم هي إشكالية اقتصادية وليست نقدية، وبالتالي فتدخل البنوك المركزية هو لكبح جماح التضخم، أي أن التدخل هو حل ظرفي، ولا يمكن أن يكون حلا هيكليا للإجابة على هذا المشكل، لأن التضخم هو عدم ملائمة الكتلة النقدية الرائجة للقيمة المضافة وخلق الثروة، فحينما يكون هناك خلق ضعيف للقيمة المضافة والثروة مع كتلة نقدية كبيرة فذلك يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار”.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن منطق العرض والطلب يدخل ضمن هذا الإطار، ذلك أنه إذا كانت الندرة ترتفع الأسعار، وبالتالي فبنك المغرب يحاول كبح الجماح من خلال الحد من الكتلة النقدية الرائجة عن طريق رفع سعر الفائدة للحد من الاستدانة والحد من إنتاج الكتلة النقدية بالنسبة للقطاع المصرفي.

وأورد مهدي فقير أن الإشكالية أعمق في تقديره لأن الاقتصاديات الصلبة والقوية لا تأبه بالتضخم، وعلى السبيل المثال الاقتصاد التركي الذي لم ينهار رقم أن التضخم تجاوز 80 في المئة، ما يعني أن ظاهرة التضخم يجب وضعها في سياقها، فإطا كانت هناك اقتصاديات قوية تتمتع بركائز اقتصادية مهمة فالأمر يحد من خطورة التضخم.

النموذج التنموي هو الحل

وأفاد فقير بأن قرارات بنك المغرب بخصوص الزيادة في سعر الفائدة وشراء السندات من السوق الثانوية قرارات حكيمة وصائبة لإعادة التوزان لأسواق الرساميل عن طريق السياسة النقدية، لكن الحل الجذري يمر عبر تطبيق وتنزيل النموذج التنموي الجديد في شقه الاقتصادي الذي يرمي إلى اقتصاد منفتح خالق للقيمة المضافة وللثروة وموزعا إياها بشكل متوازن، وكذلك اقتصاد مدمج.

وأشار فقير إلى أن العمل على تنزيل النموذج التنموي هو المطلوب لأنه الذي سيوفر اقتصاد قوي ومجتمع منتج ثم كذلك مجتمع مستهلك، لأن الاستهلاك المحلي هو صمام الأمان بالنسبة لأي اقتصاد وليس التصدير، ولكن ذلك يتطلب أيضا الرفع من القدرة الشرائية للمستهلك المحلي، وليتم ذلك ينبغي تأهيل هذا المستهلك كإنسان، فالمواطن إذا درس وتكون بشكل جيد سيشتغل في عمل جيد وبالتالي سيستهلك أكثر، وهذا الشق المتعلق بالإنسان أيضا متضمن في النموذج التنموي الجديد، هذا الأخير الذي يجب العودة إلى أوراقه وأجرأته.

وجاهة الاختيارات الحكومية

وشدد فقير أن الحل الشامل يمر عبر سياسة اقتصادية عبر تنزيل النموذج التنموي كما نادى به الملك محمد السادس، مضيفا أن الحكومة المغربية تفعل ما في وسعها وأن الكرة اليوم في ملعب القطاع الخاص، فحينما تقوم الحكومة بأجرأة الرزنامات واستثمار 300 مليار درهم لدعم المقاولات وغيرها من الإجراءات لا يمكن أن يطلب منها أكثر.

وأثنى الخبير نفسه على وجاهة الاختيارات الاقتصادية للحكومة الحالية في السياق الظرفي الحالي، والتي تجعل المغرب يحافظ على استقلاله المالي وسياديته على قراره الاقتصادي، محيلا على الإشكالية التي تعيشها دول على المستوى الإقليمي، باستثناء الدول التي لديها ثرواتها نفطية وطبيعية، مضيفا المغرب لا يتوفر على ثروات ومع ذلك يتحمل ضغط الأسواق الدولية بشكل رصين.

وتابع المتحدث أنه ينبغي إعادة الاعتبار لمنظومة القيم الوطنية والتركيز على الوطنية الاقتصادية، مفيدا بأنه يجب على القطاع الوطني أن يفهم بأن دوره أصبح وطنيا وقوميا بامتياز، ولم يعد دوره رأسماليا فقط مرتبط بالربح، ذلك أنه لا ملجأ من المغرب إلا المغرب بالنسبة للرساميل التي تفكر في البحث عن مواطن أخرى.

الحلول الاستراتيجية

وأورد الخبير نفسه أن المواطن يجب أن يعلم أن الإجراءات المسطرية المحدودة في الزمن والمكان لن تحل مشاكله، فقط إذا كانت إجراءات استعجالية، وحينما تقوم بدعم الوقود الموجه للنقل فذلك لتوفير الخدمة للمواطنين ولكن ليس هذا الإجراء الذي سيحل مشاكل المغرب، لأن هذه الأخيرة أعمق وحلها ينبغي أن يكون على المدى البعيد والمتوسط.

وجدد فقير التأكيد على أن الحكومة تقوم بما في وسعها في تقديري، فالإجراءات التي تقوم بها تحافظ في الحد الأدنى على استقلالية القرار الوطني، وهذا أمر ليس له ثمن، ذلك أن أي انزلاق في التوازنات المالية سيقودنا إلى برنامج مماثل للتقويم الهيكلي، ولننظر من حولنا حيث توجد دول تفقد سيطرتها على سيادتها على قرارها الاقتصادي، ومن ثمة تفقد سيطرتها حتى على قرارها السياسي بسبب ما تعانيه من إشكاليات باختلال الميزانية العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News